Wednesday, September 29, 2010

الناس يستيقظون!...


الناس يستيقظون!... 

للكاتب التركي عزيز نسين


ترجمة: عادل العامل


عن جريدة الاسبوع الادبي العدد 836 بتاريخ 7/12/2002


كانت مدة سجنه الأخيرة قاسية عليه جدا، وكان النفي إلى منطقة ريفية صعبا بشكل خاص، بعد إطلاق سراحه، وحين أكمل فترة نفيه، عاد إلى المدينة ليجد نفسه وحيدا تماما وسط حشود الناس، فقد طلقته زوجته حين كان في السجن.‏ 
 
في موقفٍ كهذا يستسلم المرء لليأس برغبةٍ منه أو من دونها، خاصةً إذا كان أيضا لا يملك نقودا يعيش منها... فهل سيضطر للانسحاب من السياسة تماما ويبحث عن عمل وبذلك يتجنب وقوع كارثة؟...‏

كان عليه، قبل أي شيء، أن يجد له مكانا يركن رأسه إليه. وكان الإيجار مرتفعا جدا، لا في مركز المدينة فقط، بل وفي الضواحي. لكنه كان مريضا ومرهقا من مجيء مأمور المحكمة إلى بيته عندما يعجز عن دفع إيجاره، ومن النوبات المرضية لآلته الكاتبة المتهدمة، ومن قطع أثاثه المهترئ العتيق التي تثير الرثاء، وكان متعبا من كونه موضوع قيل وقال جيرانه، ومن اللمحات العدائية في العيون الفضولية المخيفة، ومن النظرات التي تتفحصه كما تفعل الماشية وهي ترى إلى ثورٍ غريبٍ لدى المرة الأولى.

كان هذا هو السبب في بحثه الآن عن بيتٍ حقيرٍ رخيصٍ يستأجره بعيدا في مكانٍ لا يجتذب أحدا عند أقصى جانبٍ من المناطق الخارجية.‏ 
 
بعد بحثٍ منهكٍ وجد مكانا كهذا بالضبط. "جيسيكوندو" حقير بغرفةٍ ونصف على بعد ساعتين من المشي تقريبا من المدينة، وكان واحدا من خمس عشرة جاثمةً على تل في منطقة صغيرة جدا، ومتباعدة بعضها عن بعض، الأمر الذي أشعره بالرضا تماما.‏ 
 
كانت الحقيبتان العتيقتان المليئتان بالكتب، وشيءٌ أو شيئان عتيقان آخران، هي كل ما يملك، وقد غطى النوافذ بورق الجرائد التي صنع منها ستائر أيضا، فياله من حظ طيب! عندئذٍ لم يعد هناك ما ينبغي أن يفعله إلا البحث عن عملٍ عَرَضِي يساعده على تدبير الرزق.‏

كان هناك على مسافة قصيرة من بيته، لكن على الجهة المقابلة تماما، دكان بقَّال داخل كوخ. وعلى اليسار من دكان البقال تماما، كان هناك أيضا دكان فاكهاني في كوخ منحدر السطح أقيم بشكل مستعجل، فراح يحصل على مشترياته من هذين الدكانين. وعقد بذلك تدريجيا صداقةً مع البقال والفاكهاني اللذين كانا متقاربين جدا في حالتهما وكسبهما القليل. فقد كانت تجارتهما ضئيلة للغاية، حيث لم يكن هناك سوى خمسة أو ستة زبونات من النوع الذي لا ينفق إلا القليل، يجيئون إلى دكانيهما في اليوم. لكن لافتقارهما إلى رأسمال لم يكن باستطاعتهما الانتقال إلى موقع أكثر إرضاءً.‏

بعد أيامٍ قليلة من حلوله في "الجيسيكوندو" بدأ بائعٌ يبيع أرغفة الخبز الساخنة أمام دكان البقَّال. وراح منذ ذلك الحين يجيء مساء كل يوم ليبقى هناك إلى أن تهبط الظلمة. وبعد فترة بدأ بائع ثانٍ يبيع خبز الذرة مقيما إلى جانبه.‏ 
 
وعند دكان الفاكهاني، أخذ رجلٌ آخر يبيع الكعك الحلو داخل صندوق مزجَّج، وبمرور الأيام كان هناك صبَّاغ أحذية، وبائع شراب فاكهة متجول، وبعدئذٍ، بائع مربَّى، اتخذوا أيضا أماكنهم هناك.‏

وفي فترة قصيرة، أصبح هناك سوق مقابل "الجيسيكوندو" الذي ينزل فيه. وراح كناس يكنس بنشاطٍ من الصباح إلى المساء تلك المنطقة، التي امتلأت بكل أنواع الباعة والحرفيين، بل وفتحت مقهى كالحة حقيرة ما بين دكاني البقال و الفاكهاني، وازداد الرواج والمجيء والمرور.‏ 
 
وقد استؤجرت كل الغرف الفارغة و"الجيسيكوندوات"ففكر بالحظ الطيب المفاجئ لهذا الجو السعيد الباعث على الانشراح، لكن الأمر لم يكن يعنيه، مادام هو لا يزال عاطلا عن العمل. كما أنه لم يكن قادرا على البحث عن عمل. هذا إذا تجاوزنا إمكانية العثور عليه، فهم قد يعطونه عملا، لكن حالما سيعلمون بمتابعة الشرطة له، سيسترجعونه منه.‏ 
 
ولم يكن بإمكانه أيضا أن يستدين من أصدقائه، الذين كانوا مثله مفلسين وعاطلين، ولو كان بإمكانه أن يفعل ذلك، لكان اشترك مع صديقٍ له بغرفة واحدة في شقة بالمدينة، ليتهرب من دفع إيجار "الجيسيكوندو" حيث يعيش الآن.‏ 
 
وقد تقبل في الحقيقة اقتراح صديقه هذا، لكن لم يكن من السهل عليه التملص من هنا. فهو مَدين للبقال، وللفاكهاني، ولصاحب حرفة آخر، وعليه أن يرد تلك الديون.

وذات مساء، كان جالسا في البيت يفكر بكيفية رد الديون والانتقال، وإذا بشخصٍ ما يدق الباب. كان هناك ثلاثة أشخاص في الخارج: البقَّال، والفاكهاني، وصاحب المقهى. فدعا الزوار الثلاثة للدخول، وهو خجل من فقر غرفته، قائلا:‏ 

 
ـ "أرجو المعذرة، فليس لدي قهوة أو أي شيء آخر أقدمه لكم.".‏

 
فقال البقال مبتسما وهو يضع الكيس الورقي الذي بيده على المنضدة:‏ 

 
ـ "لا تهتم لذلك، فقد جئنا لأمرٍ آخر، وهذه قهوة وسكر....".‏

 
أصابه ذلك بالذهول، لماذا أحضروا له هذه الأشياء؟... لقد ظن أنهم جاؤوا لأنهم يريدون نقودهم، ولكن لماذا يأتون بهذه الهدايا؟ قال البقال متسائلا:‏ 

 
ـ "هل صحيح ما سمعناه عن تفكيرك بالانتقال من هنا؟"...‏

 
ـ "نعم، إنني أعتزم الانتقال....".‏

 
فهم الآن لماذا أتوا، فلابد أنهم اعتقدوا بأنه سينتقل من دون أن يدفع ما عليه من ديون لهم، فأقلقهم ذلك!...‏ 

 
ـ "نعم، لكن أين سمعتم أني سأنتقل؟"...‏

 
فأجاب صاحب المقهى بهيئة من يدرك الأمر تماما:‏ 

 
ـ "إننا نسمع من أماكن، إننا نسمع....".‏

 
ـ "لا تقلقوا، فلن أغادر من دون أن أدفع الديون التي لكم علي..".‏

 
ـ "أخجلتنا أيها الأخ، مَنْ يريد أن يأخذ منك شيئا ؟!"...‏

 
وأضاف الفاكهاني:‏ 

 
ـ "أنا من جانبي لا أطالبك بشيء، لا أريد، ولن آخذ شيئا على الإطلاق، مهما قدمت....".‏

 
ـ "لكن لماذا لا تأخذ؟".‏

 
ـ "لقد جئنا أيها الأخ لنوفيك حق قدرك، فأنت جلبت علينا خيرا كثيرا".‏


وهنا جلس وفي حنجرته عقدة، قائلا بصعوبة:


ـ "لم أفعل ما يستحق الذكر.".‏

 
كان ذلك يعني أنهم عرفوه، عرفوا شيئا عن نضاله من أجل الناس، فلماذا أصابه اليأس، لماذا غلب عليه التشاؤم وانسحب من السياسة؟... هل تخلى هؤلاء الناس عنه حقا؟!...‏ 

 
قال صاحب المقهى:‏ 

 
ـ "نرجوك أن تتخلى عن فكرة الانتقال من هنا.".‏

 
وأضاف الفاكهاني:‏ 

 
ـ "نعم، هذا ما جئنا نطلبه.".‏

 
ـ "إنني مضطر للرحيل لأنني لا أستطيع دفع الإيجار.".‏

 
قال الفاكهاني:‏ 

 
ـ "نعرف، إننا نعرف كل شيء، أخذنا في اعتبارنا أصحاب الحِرَف الذين انتقلوا إلى هنا وقررنا أخيرا أن ندبر إيجارك قسمةً بيننا وندفعه كل شهر، وكل ما نطلبه أن لا تغادرنا".‏

 
وأضاف البقَّال:‏ 

 
ـ "لا تقلق بشأن الإيجار. فقط لا تغادرنا".‏

 
غشيت البهجة عينيه تماما، وكان من الممكن أن يبكي في أية لحظة. فها هو بعد كل تلك السنوات من النضال ينال حق قدره.‏ 

 
قال:‏ 

 
ـ "مستحيل، لا يمكن أن أقبله، وعلى كل حالٍ، فليس هناك الإيجار فقط، فأنا عاطل عن العمل، ومن الصعب علي الاستمرار هنا، يمكنني أن أجد سكنا مع أحد أصدقائي".‏


قال صاحب المقهى:‏ 

 
ـ "إننا نتحدث عن العمل كله وأصحاب الحرف جميعا هنا هذه الأيام، وقد فكرنا بكل شيء، حتى موضوع رزقك، ومهما كانت احتياجاتك الشهرية، فنحن سندبر النقود فيما بيننا ونقدمها لك، لكن لا تبتعد عن هنا... لا تتركنا.".‏

 
كان الثلاثة يتوسلون كشخصٍ واحد، ولو لم يكن قد سيطر على نفسه، لكان قد بكى بالتأكيد. فبصرف النظر عما كان يقوله الناس، فإن هناك تقدما كبيرا في البلاد، يقظة كبيرة بين الناس، وهذا يعني أنهم لم يناضلوا عبثا طوال سنوات مديدة، وماكان هؤلاء الرجال، في الأيام الخوالي، ليكرموه كثيرا على هذا النحو.‏ 

 
قال:‏ 

 
ـ "أشكركم كثيرا جدا. أشكركم. لقد أثرتم مشاعري. لكنني لا أستطيع أن أقبل مساعدتكم.".‏

 
ومرةً أخرى راحوا يتضرعون إليه. 


قال البقَّال:‏ 
 
ـ "انظر. إنك في غنىً عن هذا المكان، فهو لا يصلح لأن تعيش فيه. فإذا كنت لا تحب هذا البيت، فإن هناك بيتا بثلاثة طوابق قريبا جدا من هنا، والطابق الأعلى منه للإيجار. ويوجد فيه حمَّام وأشياء أخرى. سنسكنك هناك".‏

 
وقال صاحب المقهى:‏ 

 
ـ "ما نريده هو ألا تكون بعيدا عن هنا، عنَّا.".‏

 
بدأ يتملكه الفضول:‏ 

 
ـ "حسن جدا، لكن لماذا تريدون مني أن أبقى؟".‏

 
ـ "الأمر واضح جدا، يا صديقي ـ هناك شغل كثير جدا. إننا نتقدم. ولك جزيل الشكر.".‏

 
ـ "عفوا، لكنني لم أقم بشغلٍ كثير لكم إلى الحد الذي...".‏

 
ـ "شغلك ليس بشيء... الشغل الحقيقي هو مع الآخرين، لقد جلبت علينا حظا طيبا. لم يكن هناك قبل أن تأتي سوى ثلاثة أو أربعة زُبُن يأتون إلى دكاني، فأحييتَ أنت المكان مرة أخرى، نوَّرته تماما. عجبا ما عليك إلا أن تنظر إلى الدكاكين الجديدة التي فتحت!"...‏

 
قال البقال:‏ 

 
ـ "وكل هذا من خيرك.".‏

 
ـ فأشفق علينا. إذا انتقلت سيحل بنا الخراب، لا محالة، وسيكون عليَّ أن أغلق المقهى.".‏

 
وهكذا استمروا يتضرعون. إن لديهم زوجات وأطفال. وإن عليه أن يشفق عليهم. هاهم هنا جميعا متكلون عليه في رزقهم. وإذا اقتضى الأمر، فإنهم سيمنحنونه إعالةً أكثر شهريا، حتى..".‏ 

 
قال:‏

 
ـ "شكرا لكم. لكن خدماتي ليست كبيرة إلى هذا الحد. يجب أن أشتغل ما دمت بصحة جيدة. ماذا فعلت لكم كي لا تريدون مني أن أرحل من هنا؟".‏

 
قال البقال:‏ 

 
ـ "المسألة هي ما سوف تفعله، فنحن لن ننسى خيرك. فحالما انتقلت إلى هنا، ملأت الشرطة المكان، متنكرين بزي كناس وصباغ أحذية... لإبقائك تحت المراقبة. وبمرور الأيام جاء شرطة آخرون متنكرين بزي أصحاب حرف أخرى. ثم لا يزال هناك شرطة آخرون لمراقبة هؤلاء الشرطة. أصبحت لدينة جلبة هنا".‏

 
قال البقال:‏ 

 
ـ "وقد سألونا أولا عما تفعله.".‏

 
وأضاف الفاكهاني:‏ 

 
ـ "ثم بدؤوا جميعا يشترون منا. بعدئذٍ جاء بائع الملابس البالية، ومصلح الأحذية، وبائع الأرغفة الحارة".‏


قال صاحب المقهى:‏ 

 
ـ "وفتحت أنا مقهى وبدأت أكسب رزقي، بفضلك أنت يا صديقي... وهم يجلسون هناك حتى المساء يشربون القهوة ثلاثا وأربعا، في الأقل".‏

 
نظر إليهم وهو مستاء جدا:‏ 

 
ـ "هل كلهم شرطة؟"...‏

 
ـ "بعضهم شرطة، وبعضهم الآخر ليس كذلك، فعندما يجيء عشرة أشخاص معا إلى مكانٍ ما، فإن خمسين شخصا سوف يتجمعون حولهم، والآن، إذا ما انتقلت من هنا، سيعود هذا المكان إلى حالته القديمة مرة أخرى... سيتبعك جميع الشرطة أينما ذهبت..".‏

 
قال البقال:‏ 

 
ـ "وعندئذٍ يقضى علينا.".‏


 
وقال الفاكهاني:‏ 

 
ـ "أشفق على فقراء معدمين!".‏

 
وقال صاحب المقهى:‏ 

 
ـ "إذا كان لابد من انتقالك، فابق، على الأقل، حتى يكون لدينا رأسمال صغير!".‏

 
فراح يفكر، سيكون الوضع نفسه في أي مكانٍ آخر. قال:‏ 

 
ـ "حسن جدا، لن أنتقل. لكن خذوا هذا الذي جئتم به....".‏

 
وسلَّم البقال الأكياس الورقية الأربعة التي على المنضدة.‏ 

 
قال الفاكهاني، وهو يخرج، متسائلا:‏ 

 
ـ "أيمكنني إيصال هذه الأنباء الطيبة إلى أصدقائنا الآخرين؟".‏

 
ـ "نعم، لن أنتقل... لكني لا أريد أي شيء منكم.".‏

 
قال صاحب المقهى:‏

ـ ليباركك الله!".‏

Saturday, September 25, 2010

العقــدة ... عزيز نسين

في يوم من الأيام أرسلت د. ستيتة تاج  لأستاذ تامر علي 
كان أحد أسئلته: 
مَنْ أهم الكتاب الذين قرأتَ لهم ؟
وكانت إجابة أ.تامر علي : 

أهم الكتاب في تلك الفترة العصيبة هم كتاب مجلة ميكي وسمير وباتمان وكلها طبعاً مترجمة عن النسخ الغربية لكتاب من الفرنجة (الجزم)وأنا لا أدري أيّاً من هذه الأسماء في واقع الأمر بالإضافة لكتاب مجلة العربي وكان يكتب بها في هذا الوقت جملة من (أجدع ) الكتاب مثل فهمي هويدي ود.أحمد زكي وأحمد بهاء الدين و د. أحمد كمال أبوالمجد ويوسف القعيد ويوسف ادريس في القصة ومنها تعرفت على القصة التي جعلتي أقرر أن أكتب قصصا قصيرة فيما بعد وهي لمؤلف تركي اسمه عزيز نسين والقصة اسمها العقدة (جامده جدي ) لو حد فكرني ممكن ابقى انشرها بالاضافة لفتحي السعيد وفاروق شوشة في الشعر وبالاضافة لناس جامدين  تانيين من الوطن العربي مش فاكر منهم
غير قليل مش هقول اسمهم برضو غتاته
----------------------------------------------------

وحتى لا أعاقب بالهجوم على مدونتي



ولأن الطلب لاثنين لا يرفض لهما طلب : أ.تامر علي ، ود.ستيتة حسب الله الحمش


فكان لابد أن ألبي بالخطوة السرييييييعااااااااه

فقررت أن أنشر القصة التي ذكرها أ.تامر علي في إجابته على التاج
قبل أن أنسى أو "أغطس" كما تقول فاتيما التي أفتقدها جدا ( ومدونتها لا تنشر لي تعليقا أبدا)


----------------------------------------------------
قصة مترجمة عن اللغة التركية
بقلم : عزيز نسين
ترجمة : صفوان الشلبي
آه نحن الحمير ...فنحن -معشر الحمير – كان لنا مثلكم يا بني البشر لغة نتحدث بها .

كانت لغتنا الخاصة وشعرنا وأدبنا الجميلان الغنيان .

كانت لنا في الماضي السعيد أغانينا الجميلة وأيضا لنا أناشيدنا الحماسية ,

لم نكن ننهق في الماضي كما الان حيث نحن اليوم والكل يعلم أن الحال الان نعبر عن أحاسيسنا ورغباتنا وآلامنا وأفراحنا سوى كلمتين يتيمتين هما
{{ها .........هو ... }}
نعم بكل أسف لم يبق لنا من لغتنا الجميلة سوى هاتين الكلمتين .

ألا ينتابكم الفضول لمعرفة كيف ماتت لغتنا الجميلة الغنية ولم يبقى منها سوى كلمتين هما
{{ها .........هو ... }}

باختصار لساننا قد انعقد ,حادثة مخيفة وقعت لنا أطارت لنا صوابنا وأرعبتنا ,فقعدت ألسنتنا وأنستنا لغتنا الجميلة . ومنذ ذلك اليوم لم نعد نتذكر سوى هاتين الكلمتين
{{ها .........هو ... }}

عقدة اللسان هذه لها حادثة قديمة جدا ومن مئات السنين يوم كان جدنا الحمار الأكبر يرعى في إحدى المراعي في سهولنا مطمئنا ويغني بحماس .اشتم رائحة غريبة ولم تكن رائحة جميلة كانت رائحة ذئب...



رفع جدنا أنفه الى أعلى وتنشق بعمق .رائحة الذئب القوية..قال جدنا مخاطبا نفسه ومواسيا :

-هذه ليست رائحة ذئب ....

لكن رائحة الذئب ازدادت زخما .كان واضحا أن الذئب بدأ يقترب ..واقتراب الذئب من أراضينا معناه أن الموت بدأ يحوم في المكان ولا مفر منه .
جدنا حاول أن يقنع نفسه أنه لا ذئب في المكان وقال مواسيا نفسه :

-أرجو من الله أن لا يكون ذئبا .........وإن كان حقا موجود .فكيف سيجدني ؟وأين ؟وكيف ؟؟؟؟؟؟

استمر جدنا يواسي نفسه حتى سمع صوتا لم يكن جميلا..بل كان صوت الذئب !!

انتصبت أذنا جدنا الحمار الأكبر عاليا واسترق السمع وأرهف له الحس جيدا .
نعم إنه صوت الذئب ....
ولكن بقلبه هو لم يكن راضيا عن مجيء الذئب ليفسد عليه هناءه وصفاء يومه ,

-
كلا لا أعتقد أنه صوت ذئب ..ولابد أني أصبحت لا أسمع جيدا 

واستمر جدنا في التهام الأعشاب .. وغير مبال بالخطر من حوله .
ازداد الصوت وضوحا وقربا ولم يزل جدنا يواسي نفسه ويخادعها .:

-ليس ذئبا ..نعم إنه ليس ذئبا وهذا ليس بصوت ذئب .

ازداد الصوت اقترابا ووضوحا وكان صوتا مخيفا جدا ...وظل جدنا الجمار على عناده

-كلا .كلا ..انه ليس هناك ذئاب في المنطقة .
ثم رفع رأسه ونظر حوله فرأى على قمة الجبل ذئبا قد بدا له وسط الضباب ........شعر الحمار برعشة الخوف تنتاب أوصاله
- لا ....لا لا أعتقد أن ما أراه ذئبا لا لابد انه شيء أخر أو أي نوع من الدواب

وأدخل جدنا رأسه بين الأعشاب مكملا :

-أعتقد أن ما أراه مجرد سراب .. بل هو بالتأكيد سراب ليس إلا ......

وبعد برهة من الزمن لمح ذئبا يعدو خلف الشجر , فازداد خوفه ولكنه استمر في خداع نفسه :
-نعم إنه ليس بذئب وإلا ما الذي يأتي بالذئاب إلى منطقتنا ؟ وأرجو من الله أن لا يكون ذئبا حقا .

ازداد اقتراب الذئب من الحمار ولم يبق منه سوى خطوات فقط

-العون يا ربي .أحقيقة أن القادم ذئبا ؟ كلا يجب أن لا يكون ذئب ...العون يا ربي أرجو ألا تجعله ذئبا .

ولما لم يبق من الذئب سوى خطوات أقل خاطب نفسه قائلا

-بمشيئة الله لن يكون ما أراه ذئبا .ولماذا يكون ذئبا ؟ قد يكون جملا أو تيسا أو أي شيء أخر...

أو ربما لم يكن شيئا على الإطلاق لقد بدأت لا أرى جيدا وبدأت أخلط في التمييز بين الأشياء المختلفة ..وأرى أي شيء من حولي على هيئة ذئب ....
وعلى بعد خطوات أقل مما سبق بدا الذئب زاحفا نحوه..
-أعرف تماما ان القادم ليس بذئب ولكن من المستحسن ان ابتعد عنه قليلا 

مشى جدنا وهو ينظر خلفه مرعوبا وبدا له فم الذئب مفتوحا ويسيل منه اللعاب وازدادت خطوات جدنا سرعةٌ وجريا قائلا مع نفسه
-كم أنا غبي فعلا ..أخاف من القطة وأهرب منها متوهما أنها ذئب ! 

اندفع جدنا يركض بكل قواه وهو ينظر خلفه ..رأى بريق عيني الذئب تتبعانه وأحس بنفس الذئب الساخن يلسع مؤخرته فواسى نفسه قائلا :

-إن هذا المخلوق الذي أحس بنفسه تلسع مؤخرتي ليس بذئب !!
وحين أحس الحمار بان انف الذئب الرطب يلامس مؤخرته ازداد فزعه ,واستدار خلفه ليرى الذئب وهو يتأهب للوثوب عليه ..فخارت قواه وسقط على الأرض من شدة الخوف ..وأغمض عينيه كي لا يرى الذئب وتأتأ قائلا :

-بمشيئة الله لن يكون ذئبا .

أحس جدنا بمخالب الذئب تنغرز في فخذه فصاح قائلا :

-أعلم جيدا انك لست بذئب .. وأنا لا أحب المزاح ..فدعني وشأني ولا تدغدغني 
 
قام الذئب الجائع بأن أغرز كل أنيابه تنهش في جسد جدنا , وبدأت الدماء تسيل منه بغزارة , وانعقد لسانه من شدة الخوف والفزع وأخيرا تمكن أن يتلفظ كلمات قليلة مبهمة ربما هي :

-ها .......هو.......ذئب.......ها .......هو.......

وبينما
الذئب ينهش ويقطع في جسد جدنا .استمر يصرخ بأنين وهستريا وبلا وعي ربما وكاد صوته الحاد أن يخترق آفاق الزمان والمكان وكانت كلماته هي :

ها ...........هو.........ها .........هو.......

ومنذ ذلك اليوم وعلى اثر شدة حزننا وخوفنا ومصابنا الجلل الذي حل بجدنا وفقده القدرة على النطق ورثنا نحن عنه هذه العادة ونسينا لغتنا الجميلة .. وأخذنا إلى اليوم نردد مثل جدنا صائحين :

- ها ...........هو.........ها .........هو

لو لم يحاول جدنا خداع نفسه حين شعر بالخطر من حوله لما سقط في براثن الذئب .....ولدامت لنا لغتنا الجميلة !!!!!!!!!!!!

Friday, September 24, 2010

لن أكتب ... لن أقرأ ... لن أحزن


عندما يسود الظلام حولك 
عندما يختفي الأمل من كل شيء 
عندما تجد نفسك محاطا بكم هائل من السواد 
وعندما لا تجد بين يديك طوق نجاة 
ولا يكون لديك حتى الرجاء في أن يكون هناك ضوء في نهاية النفق المظلم إلا أن يكون قطارا قادما
عندها لا يكون أمامك سوى أحد حلين 

أولهما وهو الحل الأوسع انتشارا 
أن تصم أذنيك عن كل ما تحترق له كريات دمك 
وأن تعمي عينيك عن الليل حالك السواد الذي يلفك بين ذراعيه 
وأن تقرر ألا تقرأ عن مصائب كل يوم 
وألا تصرخ من أزمات الغلاء والتعليم والصحة 
وألا تكتب عن الفساد 
أن تقرر أن تعود سالما إلا دنيا الناس تاركا عقلك الذي يفكر ويعمل ليل نهار 
فلم يعد للعقل مكان 
لأنك لو لم تتركه بإرادتك فسيتركك هو رغما عنك 


أما الحل الآخر فهو أن تقرر أن تبقى مفتوح العينين 
أن تصغي وتفكر وتكتب وتعبر 
أن ترفض الاستسلام للأمر الواقع 
أن تعظ " قوما الله مهلكهم أو معذبهم عذابا شديدا" 
وعندما يسألك من حولك عن جدوى ما تفعله تجد داخلك الرد الواثق : 
" معذرة إلى ربكم ولعلهم يرجعون " 

وأن يبقى لديك الأمل
لأن الله جعل الإنسان في الأرض خليفة 
ولأن الخير فطرة الله التي فطر الناس عليها 

فأيهما ستختار ؟؟؟
أجب مع ذكر السبب :)
واضعا في حسبانك الاعتبارات الآتية :
ذو العقل يشقى في النعيم بعقله 
وأخو الجهالة بالشقاوة ينعم

بإرادتك الحرة 
بين يديك الاختيار

Friday, September 17, 2010

وحشتني



بجد بجد وحشتني 
صحيح إنت ماشي من كم يوم 
لكن وحشتني 
ليه مشيت بسرعة كده ؟
لا لحقت أشبع منك ولا لحقت أتهنى بك 
فراقك صعب أوي 
يوجع أوي ،
أحلى أيامي بتكون معاك
وحشني تكون موجود 
بفرح لما بعرف إنك جاي
وبحزن جدا لما بتمشي كده وتسيبني 
ليه ما تكون موجود دايما 
في وجودك بحس بمشاعر كتير 
مشاعر عمرها ما تحقق غير في وجودك بس 
في وجودك بحب الكون وبشوف الدنيا ممكن تتعاش 
بشوف الناس طيبين 
لما بتكون هنا  الدنيا بتكون غير الدنيا
معاك بعيش دنيا تانية ماعشتها 
وحشتني 
وحشتني أوي يا رمضان 
صحيح بعدك بيكون العيد 
لكن بشوفك انت العيد الحقيقي 
الناس بتتغير للأحسن 
بتطلع من جوا الناس حاجات يمكن كانوا مش عارفين إنها جواهم 
الوجوه مبتسمة والسكينة والأمان في الهوا اللي بتننفسه 
وحشتني أوي يا رمضان 
وحشتني لمة الناس في المساجد 
سباقهم عشان يرضوا ربهم 
الأخلاق العالية والتسامح والكرم 
الهدوء والطمأنينة 
كل الناس اللي بعرفهم في رمضان 
الوجوه اللي كل يوم بدور عليها في المسجد وأشوفها موجودة ولا لأ 
من غير ما أعرفهم أو يعرفوني 
كل رمضان كان له معايا ذكرى جميلة 
ومختلفة عن اللي قبله 
فراقك سنة كاملة بيطول أوي
وبعد سنة بتيجي أخف ضيف مش بنحس به من كتر ما بيمر بسرعة 
النهاردة بدأ 
وبكرة ماشي 
من غير ما نحس 
يارب تقبل منا رمضان وارض عنا

Wednesday, September 8, 2010

رايح فين

 

يا أحلى أيامـ عشناها
بنودعك بدموع العين 
 ,,,,,,,,,,,
جمعتنا في أحلى مساجد 
واحد راكع وواحد ساجد
ساعة الفطار ندعي المولى 
سحرنا يلا يا عم حسين
,,,,,,,,,,
رمضان ما تستنى شوية 
يا نور لأيامنا الجاية 
لو كنت عايز تفارقنا 
ادعي لنا نتقابل بعدين


لقطات

يقولون : ثلاثة لا تعود : زمن يمضي، وسهم يرمى، وكلمة تقال ولعل تلك الأخيرة من أكثر ما يؤثر فيَّ ليس فقط لأنها لا تعود لكن أيضًا لأنها تبقى ...