أتأمل الآية الكريمة
ويلح على رأسي سؤال
ألا يلهينا إلا التكاثر ؟؟
لماذا ذكره الله تعالى ولم يعطف عليه حتى سببا آخر ؟
.............
أقرأ الآية من جديد
ويسافر عقلي في زحام الكلمة
كلمة لكنها لخصت كل ما يلهي
لخصت تاريخ البشرية كله
الكل مشغول بالتكاثر
فهذه مشغولة بخطبتها وتلك بزواجها
وأخرى بأطفالها ورابعة بالاستعداد للزواج
وهناك من يلهيها عدم زواجها
وهناك مشغولة بزواج غيرها
هذا يلهيه عمله المضني أملا في تكوين أسرته
وذاك يشغله إنجاب ذكر يحمل اسمه
وهناك من يستمر إلهاؤه بالتكاثر حتى يكون له حفدة بنين وبنات
ويستمر الجميع في إطار واحد
كلهم يلهيه التكاثر بطرق شتى مباشرة وغير مباشرة
حَتَّى زُرْتُمُ الْمَقَابِرَ
ويتوقف المشهد فجأة
يتوقف السعي الحثيث
ويحل سكون تام
صمت مطبق يلف المكان
من هول الصدمة
توقف الدوران في دوامة الحياة
لكن بعد أن فات الأوان
ليس يفيد التوقف الآن
وكانت الكلمة "زرتم"
أكل تلك السنون في القبر مجرد "زيارة"
أليست مكثا أو إقامة؟!
هي الحقيقة بكل ما تحمله من صدمة
بعث القوم للقيامة ، ورب الكعبة، فإن الزائر منصرف لا مقيم *
كَلَّا سَوْفَ تَعْلَمُونَ
سوف تعلمون مكانكم من الجنة أو النار
سوف تعلمون عملكم إلى ثواب أم إلى تباب
اليوم تنكشف الحجب
فالبصر اليوم حديد
" ثم "
كعادتها تصعد بي درجة أخرى
من درجة الرؤية
إلى درجة الإدراك
إدراك عاقبة الانشغال والتلهي
كَلَّا لَوْ تَعْلَمُونَ عِلْمَ الْيَقِينِ
أترانا نكون كما نحن لو علمنا علم اليقين
لو علمنا مصيرنا علم اليقين
أو علمنا دارنا علم اليقين
لو علمنا عاقبتنا بعد انتهاء الحياة الدنيا
وبداية الحياة الآخرة
وأسأل نفسي لو علمت علم اليقين
ماذا كنت سأغير ؟
لَتَرَوُنَّ الْجَحِيمَ
نراها من بعيد
فنستعيذ من حرها
ونسأل الله السلامة منها
والبعد عنها
والنجاة من حرها
ثُمَّ لَتَرَوُنَّهَا عَيْنَ الْيَقِينِ
أقرأ فتتجسد الصورة أمامي
أكاد أراها
أكاد أحس بلهيبها
أكاد أسمعها تقول : "يارب أكل بعضي بعضا " **
فما عساها تفعل بغيرها
إن كان هذا هو حالها مع بعضها
ثُمَّ لَتُسْأَلُنَّ يَوْمَئِذٍ عَنِ النَّعِيمِ
أهو صحة الجسم والماء البارد كما ورد عن رسول الله ***
أم هو ظل بارد ، ورطب طيب ، وماء بارد ****
عن المال ؟ عن الطعام ؟ عن الأمن ؟
عن أي نعيم نسأل يارب ونحن فيه غارقون
عن السمع ؟ عن البصر ؟ عن الكلام ؟ عن التفكير ؟
وهل تكفي أعمارنا لنعدد نعم الله علينا ؟
الحمد لله الكريم
اللهم يسر سؤالنا عن النعيم
-------------------------------------------------------------------
اشتكت النار إلى ربها ، فقالت : رب أكل بعضي بعضا ، فأذن لها بنفسين :
نفس في الشتاء ونفس في الصيف ، فهو أشد ما تجدون من الحر ، وأشد ما تجدون من الزمهرير .
-----------------------------------------------------------------------
***إن أول ما يسأل عنه يوم القيامة يعني العبد من النعيم أن يقال له ألم نصح لك جسمك ونرويك من الماء البارد" رواه الترمذي