Wednesday, October 20, 2010
سئمت المستقبل
في ذلك اليوم بالتحديد لم أكن مستعدة للدخول إلى آلتي
لم أكن مستعدة لتحمل المزيد
سرحت بعقلي إلى وقت بعيد ومكان أبعد
لازالت الذكرى تحتل مكانا بارزا في ذاكرتي رغم مرور الأعوام
أتساءل دوما إن كانت القدرة على تذكر الماضي لازالت موجودة عندي أم أني لا أذكر من الماضي إلا هذا اليوم فقط
ربما لأن هذا اليوم كان آخر عهدي بالماضي
............
............
عندما جاءوا إلى بيتنا كنت طفلة لم تتجاوز عشر سنوات من عمرها
جلسوا مع أمي وتحدثوا معها
بعدها ودعتني بدموع تملأ عينيها وبضمة خشيت معها على نفسي وعليها
كنت أعرف أني لن أراها بعد ذلك
وصدق ظني
لم أفهم وقتها لم يفعلون هذا بي
لكني ذهبت معهم دون مقاومة ودون بكاء
فقط كنت أريد أن أفهم
ما الذي يمكن أن يجعل أمي تتركني لهم
شكلهم كان يوحي بأنهم من عناصر الشرطة
أو ينتمون إلى جهاز من أجهزة الدولة
كان مظهرهم يعطيني إحساسا أكيدا أنهم يعرفون ما يفعلون جيدا
وأنهم سيأخذون ما جاءوا من أجله
هم يعرفون ذلك
ويستطيعون أن يوصلوا ذلك لمن أمامهم من الوهلة الأولى
مرت أعوام منذ بدأت التجربة
كنت جزءا منها
وأصبحت جزءا مني
أصبَحَت أنا
ومحتني إلى الأبد
وصدق ظني
لم أفهم وقتها لم يفعلون هذا بي
لكني ذهبت معهم دون مقاومة ودون بكاء
فقط كنت أريد أن أفهم
ما الذي يمكن أن يجعل أمي تتركني لهم
شكلهم كان يوحي بأنهم من عناصر الشرطة
أو ينتمون إلى جهاز من أجهزة الدولة
كان مظهرهم يعطيني إحساسا أكيدا أنهم يعرفون ما يفعلون جيدا
وأنهم سيأخذون ما جاءوا من أجله
هم يعرفون ذلك
ويستطيعون أن يوصلوا ذلك لمن أمامهم من الوهلة الأولى
مرت أعوام منذ بدأت التجربة
كنت جزءا منها
وأصبحت جزءا مني
أصبَحَت أنا
ومحتني إلى الأبد
يتبع
Tuesday, October 5, 2010
بوست ثقافة
حقوق التسمية محفوظة لدكتورة ستيتة
وطالما قالت اسمه بوست ثقافة يبقى نسميه بوست ثقافة
وإليكم الأنباء بالتفصيل
أقصد البوست أنباء ايه اللي مستنينها :)
شايفاكي شايفاكي على فكرة عمالة تقولي هي مالها قلبت عامية ليه
أقولك أولا براحتي :)
ثانيا لأن الموضوع أصلا عن اللغة العربية
ومش عايزة أعمل زي اللي "فسر الماءَ بعد الجهد بالماءِ"
حلو الكلام؟؟
قولوا ... كلام جميل
بقى يا جماعة في ناس كتير مننا من واحنا صغننين حلوين كده 13 -14 سنة
أخدنا في المدرسة درس لطيف ظريف معرفش بقى في سنة كام دلوقتي اسمه "العدد"
الدرس دا كان ثقيل على قلب الجميع حتى اللي بيحبوا اللغة العربية
ليه بقى؟؟ .. قلتوا لي ليه
لأنه كان بيلخبط جدا لأي حد مش بيستخدمه في حياته اليومية
ايه اللي 1 و2 العدد يوافق المعدود ، و 3-9 يخالف والعشرة لو مركبة لها حال ولو مفردة لها حال
ولسه بقى الأعداد المركبة وليلة يا عمدة [على رأي واحدة معرفهاش بس واضح إنها مشهورة أوي :)]
فاليوم جئتكم بالخبر اليقين من عند مدام جهينة
ايه بقى الخبر
الخبر يا بلوجراية يا كرام إن الموضوع أبسط من كدا بكتير جدا
ولا يوافق ولا يخالف ولا مركب ولا مش عارف ايه
الحكاية بسيطة خالص
دلوقتي الأصل في الكلام ايه ؟ المذكر ولا المؤنث؟
(مع الاعتذار لجمعية المرأة المتوحشة) بس الأصل في الكلام طبعا المذكر
يعني لما بنيجي نكتب مثلا أسئلة امتحان بيكون رأس السؤال ( اذكر - اكتب - اجب .... وهكذا) رغم إن أكيد في بنات هتمتحن في الليلة دي بس مش بنقول (اذكري - واكتبي -..... )
حتى في الآيات أو في الأحاديث بيكون الخطاب لعموم المسلمين أو حتى لعموم الناس بصيغة المذكر
إذن اتفقنا على إن الأصل هي صيغة المذكر
(لأننا نخاطب بها العموم مذكر ومؤنث) ... مشاركينهم حتى في صيغة المذكر مش سايبنها لهم لوحدهم :)
والفرع هو المؤنث لأننا نخاطب به المؤنث فقط ..
لما نيجي نعد نحط الأصل مع الأصل والفرع مع الفرع
يعني ايه
يعني نشوف الأصل في العدد ايه ؟؟
احنا بنقول العدد 3 ازاي ؟ (ثلاثة) يبقى أصل العدد (ثلاثة ) مش (ثلاث)
يبقى نشوف احنا بننطق العدد ازاي ويبقى هو دا أصل العدد وغير كده يبقى فرع
نحط الأصل مع الأصل
فنقول : ثلاثة رجال - ثلاثة كتب - ثلاثة كراسي
ونضع الفرع مع الفرع
الفرع في الكلام هو : المؤنث
والفرع في العدد هو على غير أصله
فنقول : ثلاث كراسات - ثلاث قصص - ثلاث طالبات
هتيجي نفس الأمورة اللي أنا عارفاها اللي قالت لي فوق انتي قلبتي عامية ليه تقول لي
قصص دي مذكر
أروح منادية لفاتيما على طول أستلف منها الفلكة عشان هي اللي بتنادي جابر مش أنا
وأقول لها افتحي ودانك يا أمورة عشان الضرب ممنوع في وزارة الداخلية
احنا بنبص على المفرد
بنبص على ايه يا حلوة؟؟؟ على المفرد
شاطرة ارجعي مكانك
خدي الفلكة يا فاتيما
نرجع لموضوعنا
خلاص عرفنا نعمل ايه في الأعداد من 3 - 9
ونلاقي في الآية الكريمة- في سورة القمر- مثال على ما قلناه :
{سَخَّرَهَا عَلَيْهِمْ سَبْعَ لَيَالٍ وَثَمَانِيَةَ أَيَّامٍ حُسُوماً فَتَرَى الْقَوْمَ فِيهَا صَرْعَى كَأَنَّهُمْ أَعْجَازُ نَخْلٍ خَاوِيَةٍ(7)}
ليالي : مفردها ليلة يعني مؤنث فجاء معها الفرع (سبع)
وأيام : مفردها يوم مذكر فجاء معها العدد على أصله (ثمانية)
طيب والأعداد من 11- 19
المتركبة دي وهتقرفنا بقى
أقول لكم ولا تقدر ولا تستجري
هنطبق عليها نفس القاعدة
الأعداد دي عبارة عن : الأعداد من 3-9 وجنبها 10
يعني ثلاثة عشر - أربع عشرة - تسعة عشر
في ناس نبيهة ما شاء الله لاحظت أهو حاجة مهمة
إن التاء المربوطة لما تيجي في العدد نشيلها من العشرة ولما ما تجيش في العدد نحطها في العشرة
يعني
عندنا 13 رجل
عايزين نقول إنهم عندنا
نقول ازاي ؟؟
رجل دا مذكر
يبقى يأتي معه العدد على أصله اللي هو ايه ؟؟
شاطرين
(ثلاثة)
زي ما انتم شايفين أهو (ثلاثة ) فيها تاء مربوطة
يبقى نشيلها من العشرة
عمر ما جزئي العدد هيكون فيهما الاثنين تاء مربوطة هما الاثنين مع بعضهما
نحط التاء المربوطة في جزء نشيلها من التاني
فنقول : عندنا ثلاثة عشر رجلا
ورجلا ليه (نفس الفذلوكة اللي كل شوية تسأل)
عشان تمييز الأعداد دي مفرد منصوب ودا بوست تاني لوحده كمان 3 سنين كده إن شاء الله
لما أقعد القعدة دي تاني :)
ومثال من القرآن في سورة المدثر
{ عليها تسعة عشر (31) }
أي عليها تسعة عشر مَلَكًا
من الملائكة يعني ، مش من الملوك
نلاقي هنا إن التمييز ( اللي هو المعدود) مذكر
فجاء العدد على أصله (تسعة) وبما إنه فيه تاء مربوطة فحذفناها من العشرة
فصارت : تسعة عشر
(تمييز مفرد منصوب برضه يا فذاليكو )
فهمنا يا حلوين
والله أنا انفع مُدرسة
بس يكونوا الطلبة زيكم كده حلوين وهاديين وبيسمعوا الكلام
خدوا يلا بونبون وحاجات حلوة
عايزة التعليقات بقى تحل لي الواجب
كل تعليق يكتب لي جملتين
افتحوا الكراسات واكتبوا الواجب : بوست 5 / 10 / 2010
أكتب جملتين مفيدتين
على أن تكتب في الأولى عددا مفردا ( من 3- 9 يعني )
وفي الثانية عددا مركبا ( من 11-19 )
وضع التمييز المناسب لكل منهما
واجب سهل وجميل
وهديكم عليه درجات ونجوم :)
وأي حد عنده أي أسئلة يكتبها لي وأنا أجاوبها إن شاء الله
حد ما فهمش حاجة ؟؟؟
طيب حد فهم حاجة ؟
جرس الفسحة ضرب
هيييييييييه
----------------------------------------------
وأي حد عنده أي أسئلة يكتبها لي وأنا أجاوبها إن شاء الله
حد ما فهمش حاجة ؟؟؟
طيب حد فهم حاجة ؟
جرس الفسحة ضرب
هيييييييييه
----------------------------------------------
إهداء لأستاذي د.عادل سرور جزاه الله خيرا
Sunday, October 3, 2010
لم أعد أجدني
بحثت عني كثيرا
لكني لم أعد أجدني !!
فتشت داخلي وحاولت سبر أغوار نفسي
لكني وبكل صدق ما وجدت أني لازلت أنا
لم أعد نفسي ، ولا عادت لي نفسي
أصبحت أحلق كل يوم في سماءات الكون
أبحث فيها عن شيء لا أعرفه
أرفض أن أستسلم ويأبى الاستسلام أن يرحل عني .
أقف أمام المرآة أتأملني
لا أذكر متى كانت آخر مرة أنظر فيها في المرآة
نسيت شكلي ، بل لم أعد أعرفني
الوجوه أمام المرآة كثيرة
وكلها لا تشبهني
أعرف جيدا أني لم أعد كما كنت
وما الذي بقي كما كان؟!
كل شيء تغير
لم يعد بالإمكان أن أسترجع الذكرى فقد محيت ذاكرتي
لست أقوى على الثبات في وسط فضاء التغيير اللامتناهي
سأتغير... شئت أم أبيت
فليكن التغير بإرادتي طالما أنه سيحدث في كل الأحوال
لقد دخلت اللعبة رغما عني
وسأبقى فيها رغما عني
لكني سأطوعها لإرادتي لكي لا تسير رغما عني
أنا لازلت أنا
تغيرت ملامحي
وكبر عمري
وفقدت ذاكرتي
وبقيت لي إنسانيتي
ولن أتخلى عنها
أنا ... إنسان الألفية الثالثة
أحيا دون أتنفس لأن الهواء لم يعد كما كان
أعيش دون طعام لأنه لم يعد مخصصا لبني الإنسان
أتذكر الماضي بكل الحنين لكني لا أذكر منه شيئا الآن
أحيا دون أتنفس لأن الهواء لم يعد كما كان
أعيش دون طعام لأنه لم يعد مخصصا لبني الإنسان
أتذكر الماضي بكل الحنين لكني لا أذكر منه شيئا الآن
Wednesday, September 29, 2010
الناس يستيقظون!...
الناس يستيقظون!...
للكاتب التركي عزيز نسين
ترجمة: عادل العامل
عن جريدة الاسبوع الادبي العدد 836 بتاريخ 7/12/2002
كانت مدة سجنه الأخيرة قاسية عليه جدا، وكان النفي إلى منطقة ريفية صعبا بشكل خاص، بعد إطلاق سراحه، وحين أكمل فترة نفيه، عاد إلى المدينة ليجد نفسه وحيدا تماما وسط حشود الناس، فقد طلقته زوجته حين كان في السجن.
في موقفٍ كهذا يستسلم المرء لليأس برغبةٍ منه أو من دونها، خاصةً إذا كان أيضا لا يملك نقودا يعيش منها... فهل سيضطر للانسحاب من السياسة تماما ويبحث عن عمل وبذلك يتجنب وقوع كارثة؟...
كان عليه، قبل أي شيء، أن يجد له مكانا يركن رأسه إليه. وكان الإيجار مرتفعا جدا، لا في مركز المدينة فقط، بل وفي الضواحي. لكنه كان مريضا ومرهقا من مجيء مأمور المحكمة إلى بيته عندما يعجز عن دفع إيجاره، ومن النوبات المرضية لآلته الكاتبة المتهدمة، ومن قطع أثاثه المهترئ العتيق التي تثير الرثاء، وكان متعبا من كونه موضوع قيل وقال جيرانه، ومن اللمحات العدائية في العيون الفضولية المخيفة، ومن النظرات التي تتفحصه كما تفعل الماشية وهي ترى إلى ثورٍ غريبٍ لدى المرة الأولى.
كان هذا هو السبب في بحثه الآن عن بيتٍ حقيرٍ رخيصٍ يستأجره بعيدا في مكانٍ لا يجتذب أحدا عند أقصى جانبٍ من المناطق الخارجية.
كان هذا هو السبب في بحثه الآن عن بيتٍ حقيرٍ رخيصٍ يستأجره بعيدا في مكانٍ لا يجتذب أحدا عند أقصى جانبٍ من المناطق الخارجية.
بعد بحثٍ منهكٍ وجد مكانا كهذا بالضبط. "جيسيكوندو" حقير بغرفةٍ ونصف على بعد ساعتين من المشي تقريبا من المدينة، وكان واحدا من خمس عشرة جاثمةً على تل في منطقة صغيرة جدا، ومتباعدة بعضها عن بعض، الأمر الذي أشعره بالرضا تماما.
كانت الحقيبتان العتيقتان المليئتان بالكتب، وشيءٌ أو شيئان عتيقان آخران، هي كل ما يملك، وقد غطى النوافذ بورق الجرائد التي صنع منها ستائر أيضا، فياله من حظ طيب! عندئذٍ لم يعد هناك ما ينبغي أن يفعله إلا البحث عن عملٍ عَرَضِي يساعده على تدبير الرزق.
كان هناك على مسافة قصيرة من بيته، لكن على الجهة المقابلة تماما، دكان بقَّال داخل كوخ. وعلى اليسار من دكان البقال تماما، كان هناك أيضا دكان فاكهاني في كوخ منحدر السطح أقيم بشكل مستعجل، فراح يحصل على مشترياته من هذين الدكانين. وعقد بذلك تدريجيا صداقةً مع البقال والفاكهاني اللذين كانا متقاربين جدا في حالتهما وكسبهما القليل. فقد كانت تجارتهما ضئيلة للغاية، حيث لم يكن هناك سوى خمسة أو ستة زبونات من النوع الذي لا ينفق إلا القليل، يجيئون إلى دكانيهما في اليوم. لكن لافتقارهما إلى رأسمال لم يكن باستطاعتهما الانتقال إلى موقع أكثر إرضاءً.
بعد أيامٍ قليلة من حلوله في "الجيسيكوندو" بدأ بائعٌ يبيع أرغفة الخبز الساخنة أمام دكان البقَّال. وراح منذ ذلك الحين يجيء مساء كل يوم ليبقى هناك إلى أن تهبط الظلمة. وبعد فترة بدأ بائع ثانٍ يبيع خبز الذرة مقيما إلى جانبه.
وعند دكان الفاكهاني، أخذ رجلٌ آخر يبيع الكعك الحلو داخل صندوق مزجَّج، وبمرور الأيام كان هناك صبَّاغ أحذية، وبائع شراب فاكهة متجول، وبعدئذٍ، بائع مربَّى، اتخذوا أيضا أماكنهم هناك.
وفي فترة قصيرة، أصبح هناك سوق مقابل "الجيسيكوندو" الذي ينزل فيه. وراح كناس يكنس بنشاطٍ من الصباح إلى المساء تلك المنطقة، التي امتلأت بكل أنواع الباعة والحرفيين، بل وفتحت مقهى كالحة حقيرة ما بين دكاني البقال و الفاكهاني، وازداد الرواج والمجيء والمرور.
وقد استؤجرت كل الغرف الفارغة و"الجيسيكوندوات"ففكر بالحظ الطيب المفاجئ لهذا الجو السعيد الباعث على الانشراح، لكن الأمر لم يكن يعنيه، مادام هو لا يزال عاطلا عن العمل. كما أنه لم يكن قادرا على البحث عن عمل. هذا إذا تجاوزنا إمكانية العثور عليه، فهم قد يعطونه عملا، لكن حالما سيعلمون بمتابعة الشرطة له، سيسترجعونه منه.
ولم يكن بإمكانه أيضا أن يستدين من أصدقائه، الذين كانوا مثله مفلسين وعاطلين، ولو كان بإمكانه أن يفعل ذلك، لكان اشترك مع صديقٍ له بغرفة واحدة في شقة بالمدينة، ليتهرب من دفع إيجار "الجيسيكوندو" حيث يعيش الآن.
وقد تقبل في الحقيقة اقتراح صديقه هذا، لكن لم يكن من السهل عليه التملص من هنا. فهو مَدين للبقال، وللفاكهاني، ولصاحب حرفة آخر، وعليه أن يرد تلك الديون.
وذات مساء، كان جالسا في البيت يفكر بكيفية رد الديون والانتقال، وإذا بشخصٍ ما يدق الباب. كان هناك ثلاثة أشخاص في الخارج: البقَّال، والفاكهاني، وصاحب المقهى. فدعا الزوار الثلاثة للدخول، وهو خجل من فقر غرفته، قائلا:
ـ "أرجو المعذرة، فليس لدي قهوة أو أي شيء آخر أقدمه لكم.".
فقال البقال مبتسما وهو يضع الكيس الورقي الذي بيده على المنضدة:
ـ "لا تهتم لذلك، فقد جئنا لأمرٍ آخر، وهذه قهوة وسكر....".
أصابه ذلك بالذهول، لماذا أحضروا له هذه الأشياء؟... لقد ظن أنهم جاؤوا لأنهم يريدون نقودهم، ولكن لماذا يأتون بهذه الهدايا؟ قال البقال متسائلا:
ـ "هل صحيح ما سمعناه عن تفكيرك بالانتقال من هنا؟"...
ـ "نعم، إنني أعتزم الانتقال....".
فهم الآن لماذا أتوا، فلابد أنهم اعتقدوا بأنه سينتقل من دون أن يدفع ما عليه من ديون لهم، فأقلقهم ذلك!...
ـ "نعم، لكن أين سمعتم أني سأنتقل؟"...
فأجاب صاحب المقهى بهيئة من يدرك الأمر تماما:
ـ "إننا نسمع من أماكن، إننا نسمع....".
ـ "لا تقلقوا، فلن أغادر من دون أن أدفع الديون التي لكم علي..".
ـ "أخجلتنا أيها الأخ، مَنْ يريد أن يأخذ منك شيئا ؟!"...
وأضاف الفاكهاني:
ـ "أنا من جانبي لا أطالبك بشيء، لا أريد، ولن آخذ شيئا على الإطلاق، مهما قدمت....".
ـ "لكن لماذا لا تأخذ؟".
ـ "لقد جئنا أيها الأخ لنوفيك حق قدرك، فأنت جلبت علينا خيرا كثيرا".
وهنا جلس وفي حنجرته عقدة، قائلا بصعوبة:
ـ "لم أفعل ما يستحق الذكر.".
كان ذلك يعني أنهم عرفوه، عرفوا شيئا عن نضاله من أجل الناس، فلماذا أصابه اليأس، لماذا غلب عليه التشاؤم وانسحب من السياسة؟... هل تخلى هؤلاء الناس عنه حقا؟!...
قال صاحب المقهى:
ـ "نرجوك أن تتخلى عن فكرة الانتقال من هنا.".
وأضاف الفاكهاني:
ـ "نعم، هذا ما جئنا نطلبه.".
ـ "إنني مضطر للرحيل لأنني لا أستطيع دفع الإيجار.".
قال الفاكهاني:
ـ "نعرف، إننا نعرف كل شيء، أخذنا في اعتبارنا أصحاب الحِرَف الذين انتقلوا إلى هنا وقررنا أخيرا أن ندبر إيجارك قسمةً بيننا وندفعه كل شهر، وكل ما نطلبه أن لا تغادرنا".
وأضاف البقَّال:
ـ "لا تقلق بشأن الإيجار. فقط لا تغادرنا".
غشيت البهجة عينيه تماما، وكان من الممكن أن يبكي في أية لحظة. فها هو بعد كل تلك السنوات من النضال ينال حق قدره.
قال:
ـ "مستحيل، لا يمكن أن أقبله، وعلى كل حالٍ، فليس هناك الإيجار فقط، فأنا عاطل عن العمل، ومن الصعب علي الاستمرار هنا، يمكنني أن أجد سكنا مع أحد أصدقائي".
قال صاحب المقهى:
ـ "إننا نتحدث عن العمل كله وأصحاب الحرف جميعا هنا هذه الأيام، وقد فكرنا بكل شيء، حتى موضوع رزقك، ومهما كانت احتياجاتك الشهرية، فنحن سندبر النقود فيما بيننا ونقدمها لك، لكن لا تبتعد عن هنا... لا تتركنا.".
كان الثلاثة يتوسلون كشخصٍ واحد، ولو لم يكن قد سيطر على نفسه، لكان قد بكى بالتأكيد. فبصرف النظر عما كان يقوله الناس، فإن هناك تقدما كبيرا في البلاد، يقظة كبيرة بين الناس، وهذا يعني أنهم لم يناضلوا عبثا طوال سنوات مديدة، وماكان هؤلاء الرجال، في الأيام الخوالي، ليكرموه كثيرا على هذا النحو.
قال:
ـ "أشكركم كثيرا جدا. أشكركم. لقد أثرتم مشاعري. لكنني لا أستطيع أن أقبل مساعدتكم.".
ومرةً أخرى راحوا يتضرعون إليه.
قال البقَّال:
ـ "انظر. إنك في غنىً عن هذا المكان، فهو لا يصلح لأن تعيش فيه. فإذا كنت لا تحب هذا البيت، فإن هناك بيتا بثلاثة طوابق قريبا جدا من هنا، والطابق الأعلى منه للإيجار. ويوجد فيه حمَّام وأشياء أخرى. سنسكنك هناك".
وقال صاحب المقهى:
ـ "ما نريده هو ألا تكون بعيدا عن هنا، عنَّا.".
بدأ يتملكه الفضول:
ـ "حسن جدا، لكن لماذا تريدون مني أن أبقى؟".
ـ "الأمر واضح جدا، يا صديقي ـ هناك شغل كثير جدا. إننا نتقدم. ولك جزيل الشكر.".
ـ "عفوا، لكنني لم أقم بشغلٍ كثير لكم إلى الحد الذي...".
ـ "شغلك ليس بشيء... الشغل الحقيقي هو مع الآخرين، لقد جلبت علينا حظا طيبا. لم يكن هناك قبل أن تأتي سوى ثلاثة أو أربعة زُبُن يأتون إلى دكاني، فأحييتَ أنت المكان مرة أخرى، نوَّرته تماما. عجبا ما عليك إلا أن تنظر إلى الدكاكين الجديدة التي فتحت!"...
قال البقال:
ـ "وكل هذا من خيرك.".
ـ فأشفق علينا. إذا انتقلت سيحل بنا الخراب، لا محالة، وسيكون عليَّ أن أغلق المقهى.".
وهكذا استمروا يتضرعون. إن لديهم زوجات وأطفال. وإن عليه أن يشفق عليهم. هاهم هنا جميعا متكلون عليه في رزقهم. وإذا اقتضى الأمر، فإنهم سيمنحنونه إعالةً أكثر شهريا، حتى..".
قال:
ـ "شكرا لكم. لكن خدماتي ليست كبيرة إلى هذا الحد. يجب أن أشتغل ما دمت بصحة جيدة. ماذا فعلت لكم كي لا تريدون مني أن أرحل من هنا؟".
قال البقال:
ـ "المسألة هي ما سوف تفعله، فنحن لن ننسى خيرك. فحالما انتقلت إلى هنا، ملأت الشرطة المكان، متنكرين بزي كناس وصباغ أحذية... لإبقائك تحت المراقبة. وبمرور الأيام جاء شرطة آخرون متنكرين بزي أصحاب حرف أخرى. ثم لا يزال هناك شرطة آخرون لمراقبة هؤلاء الشرطة. أصبحت لدينة جلبة هنا".
قال البقال:
ـ "وقد سألونا أولا عما تفعله.".
وأضاف الفاكهاني:
ـ "ثم بدؤوا جميعا يشترون منا. بعدئذٍ جاء بائع الملابس البالية، ومصلح الأحذية، وبائع الأرغفة الحارة".
قال صاحب المقهى:
ـ "وفتحت أنا مقهى وبدأت أكسب رزقي، بفضلك أنت يا صديقي... وهم يجلسون هناك حتى المساء يشربون القهوة ثلاثا وأربعا، في الأقل".
نظر إليهم وهو مستاء جدا:
ـ "هل كلهم شرطة؟"...
ـ "بعضهم شرطة، وبعضهم الآخر ليس كذلك، فعندما يجيء عشرة أشخاص معا إلى مكانٍ ما، فإن خمسين شخصا سوف يتجمعون حولهم، والآن، إذا ما انتقلت من هنا، سيعود هذا المكان إلى حالته القديمة مرة أخرى... سيتبعك جميع الشرطة أينما ذهبت..".
قال البقال:
ـ "وعندئذٍ يقضى علينا.".
وقال الفاكهاني:
ـ "أشفق على فقراء معدمين!".
وقال صاحب المقهى:
ـ "إذا كان لابد من انتقالك، فابق، على الأقل، حتى يكون لدينا رأسمال صغير!".
فراح يفكر، سيكون الوضع نفسه في أي مكانٍ آخر. قال:
ـ "حسن جدا، لن أنتقل. لكن خذوا هذا الذي جئتم به....".
وسلَّم البقال الأكياس الورقية الأربعة التي على المنضدة.
قال الفاكهاني، وهو يخرج، متسائلا:
ـ "أيمكنني إيصال هذه الأنباء الطيبة إلى أصدقائنا الآخرين؟".
ـ "نعم، لن أنتقل... لكني لا أريد أي شيء منكم.".
قال صاحب المقهى:
وذات مساء، كان جالسا في البيت يفكر بكيفية رد الديون والانتقال، وإذا بشخصٍ ما يدق الباب. كان هناك ثلاثة أشخاص في الخارج: البقَّال، والفاكهاني، وصاحب المقهى. فدعا الزوار الثلاثة للدخول، وهو خجل من فقر غرفته، قائلا:
ـ "أرجو المعذرة، فليس لدي قهوة أو أي شيء آخر أقدمه لكم.".
فقال البقال مبتسما وهو يضع الكيس الورقي الذي بيده على المنضدة:
ـ "لا تهتم لذلك، فقد جئنا لأمرٍ آخر، وهذه قهوة وسكر....".
أصابه ذلك بالذهول، لماذا أحضروا له هذه الأشياء؟... لقد ظن أنهم جاؤوا لأنهم يريدون نقودهم، ولكن لماذا يأتون بهذه الهدايا؟ قال البقال متسائلا:
ـ "هل صحيح ما سمعناه عن تفكيرك بالانتقال من هنا؟"...
ـ "نعم، إنني أعتزم الانتقال....".
فهم الآن لماذا أتوا، فلابد أنهم اعتقدوا بأنه سينتقل من دون أن يدفع ما عليه من ديون لهم، فأقلقهم ذلك!...
ـ "نعم، لكن أين سمعتم أني سأنتقل؟"...
فأجاب صاحب المقهى بهيئة من يدرك الأمر تماما:
ـ "إننا نسمع من أماكن، إننا نسمع....".
ـ "لا تقلقوا، فلن أغادر من دون أن أدفع الديون التي لكم علي..".
ـ "أخجلتنا أيها الأخ، مَنْ يريد أن يأخذ منك شيئا ؟!"...
وأضاف الفاكهاني:
ـ "أنا من جانبي لا أطالبك بشيء، لا أريد، ولن آخذ شيئا على الإطلاق، مهما قدمت....".
ـ "لكن لماذا لا تأخذ؟".
ـ "لقد جئنا أيها الأخ لنوفيك حق قدرك، فأنت جلبت علينا خيرا كثيرا".
وهنا جلس وفي حنجرته عقدة، قائلا بصعوبة:
ـ "لم أفعل ما يستحق الذكر.".
كان ذلك يعني أنهم عرفوه، عرفوا شيئا عن نضاله من أجل الناس، فلماذا أصابه اليأس، لماذا غلب عليه التشاؤم وانسحب من السياسة؟... هل تخلى هؤلاء الناس عنه حقا؟!...
قال صاحب المقهى:
ـ "نرجوك أن تتخلى عن فكرة الانتقال من هنا.".
وأضاف الفاكهاني:
ـ "نعم، هذا ما جئنا نطلبه.".
ـ "إنني مضطر للرحيل لأنني لا أستطيع دفع الإيجار.".
قال الفاكهاني:
ـ "نعرف، إننا نعرف كل شيء، أخذنا في اعتبارنا أصحاب الحِرَف الذين انتقلوا إلى هنا وقررنا أخيرا أن ندبر إيجارك قسمةً بيننا وندفعه كل شهر، وكل ما نطلبه أن لا تغادرنا".
وأضاف البقَّال:
ـ "لا تقلق بشأن الإيجار. فقط لا تغادرنا".
غشيت البهجة عينيه تماما، وكان من الممكن أن يبكي في أية لحظة. فها هو بعد كل تلك السنوات من النضال ينال حق قدره.
قال:
ـ "مستحيل، لا يمكن أن أقبله، وعلى كل حالٍ، فليس هناك الإيجار فقط، فأنا عاطل عن العمل، ومن الصعب علي الاستمرار هنا، يمكنني أن أجد سكنا مع أحد أصدقائي".
قال صاحب المقهى:
ـ "إننا نتحدث عن العمل كله وأصحاب الحرف جميعا هنا هذه الأيام، وقد فكرنا بكل شيء، حتى موضوع رزقك، ومهما كانت احتياجاتك الشهرية، فنحن سندبر النقود فيما بيننا ونقدمها لك، لكن لا تبتعد عن هنا... لا تتركنا.".
كان الثلاثة يتوسلون كشخصٍ واحد، ولو لم يكن قد سيطر على نفسه، لكان قد بكى بالتأكيد. فبصرف النظر عما كان يقوله الناس، فإن هناك تقدما كبيرا في البلاد، يقظة كبيرة بين الناس، وهذا يعني أنهم لم يناضلوا عبثا طوال سنوات مديدة، وماكان هؤلاء الرجال، في الأيام الخوالي، ليكرموه كثيرا على هذا النحو.
قال:
ـ "أشكركم كثيرا جدا. أشكركم. لقد أثرتم مشاعري. لكنني لا أستطيع أن أقبل مساعدتكم.".
ومرةً أخرى راحوا يتضرعون إليه.
قال البقَّال:
ـ "انظر. إنك في غنىً عن هذا المكان، فهو لا يصلح لأن تعيش فيه. فإذا كنت لا تحب هذا البيت، فإن هناك بيتا بثلاثة طوابق قريبا جدا من هنا، والطابق الأعلى منه للإيجار. ويوجد فيه حمَّام وأشياء أخرى. سنسكنك هناك".
وقال صاحب المقهى:
ـ "ما نريده هو ألا تكون بعيدا عن هنا، عنَّا.".
بدأ يتملكه الفضول:
ـ "حسن جدا، لكن لماذا تريدون مني أن أبقى؟".
ـ "الأمر واضح جدا، يا صديقي ـ هناك شغل كثير جدا. إننا نتقدم. ولك جزيل الشكر.".
ـ "عفوا، لكنني لم أقم بشغلٍ كثير لكم إلى الحد الذي...".
ـ "شغلك ليس بشيء... الشغل الحقيقي هو مع الآخرين، لقد جلبت علينا حظا طيبا. لم يكن هناك قبل أن تأتي سوى ثلاثة أو أربعة زُبُن يأتون إلى دكاني، فأحييتَ أنت المكان مرة أخرى، نوَّرته تماما. عجبا ما عليك إلا أن تنظر إلى الدكاكين الجديدة التي فتحت!"...
قال البقال:
ـ "وكل هذا من خيرك.".
ـ فأشفق علينا. إذا انتقلت سيحل بنا الخراب، لا محالة، وسيكون عليَّ أن أغلق المقهى.".
وهكذا استمروا يتضرعون. إن لديهم زوجات وأطفال. وإن عليه أن يشفق عليهم. هاهم هنا جميعا متكلون عليه في رزقهم. وإذا اقتضى الأمر، فإنهم سيمنحنونه إعالةً أكثر شهريا، حتى..".
قال:
ـ "شكرا لكم. لكن خدماتي ليست كبيرة إلى هذا الحد. يجب أن أشتغل ما دمت بصحة جيدة. ماذا فعلت لكم كي لا تريدون مني أن أرحل من هنا؟".
قال البقال:
ـ "المسألة هي ما سوف تفعله، فنحن لن ننسى خيرك. فحالما انتقلت إلى هنا، ملأت الشرطة المكان، متنكرين بزي كناس وصباغ أحذية... لإبقائك تحت المراقبة. وبمرور الأيام جاء شرطة آخرون متنكرين بزي أصحاب حرف أخرى. ثم لا يزال هناك شرطة آخرون لمراقبة هؤلاء الشرطة. أصبحت لدينة جلبة هنا".
قال البقال:
ـ "وقد سألونا أولا عما تفعله.".
وأضاف الفاكهاني:
ـ "ثم بدؤوا جميعا يشترون منا. بعدئذٍ جاء بائع الملابس البالية، ومصلح الأحذية، وبائع الأرغفة الحارة".
قال صاحب المقهى:
ـ "وفتحت أنا مقهى وبدأت أكسب رزقي، بفضلك أنت يا صديقي... وهم يجلسون هناك حتى المساء يشربون القهوة ثلاثا وأربعا، في الأقل".
نظر إليهم وهو مستاء جدا:
ـ "هل كلهم شرطة؟"...
ـ "بعضهم شرطة، وبعضهم الآخر ليس كذلك، فعندما يجيء عشرة أشخاص معا إلى مكانٍ ما، فإن خمسين شخصا سوف يتجمعون حولهم، والآن، إذا ما انتقلت من هنا، سيعود هذا المكان إلى حالته القديمة مرة أخرى... سيتبعك جميع الشرطة أينما ذهبت..".
قال البقال:
ـ "وعندئذٍ يقضى علينا.".
وقال الفاكهاني:
ـ "أشفق على فقراء معدمين!".
وقال صاحب المقهى:
ـ "إذا كان لابد من انتقالك، فابق، على الأقل، حتى يكون لدينا رأسمال صغير!".
فراح يفكر، سيكون الوضع نفسه في أي مكانٍ آخر. قال:
ـ "حسن جدا، لن أنتقل. لكن خذوا هذا الذي جئتم به....".
وسلَّم البقال الأكياس الورقية الأربعة التي على المنضدة.
قال الفاكهاني، وهو يخرج، متسائلا:
ـ "أيمكنني إيصال هذه الأنباء الطيبة إلى أصدقائنا الآخرين؟".
ـ "نعم، لن أنتقل... لكني لا أريد أي شيء منكم.".
قال صاحب المقهى:
ـ ليباركك الله!".
Saturday, September 25, 2010
العقــدة ... عزيز نسين
في يوم من الأيام أرسلت د. ستيتة تاج لأستاذ تامر علي
كان أحد أسئلته:
مَنْ أهم الكتاب الذين قرأتَ لهم ؟
وكانت إجابة أ.تامر علي :
أهم الكتاب في تلك الفترة العصيبة هم كتاب مجلة ميكي وسمير وباتمان وكلها طبعاً مترجمة عن النسخ الغربية لكتاب من الفرنجة (الجزم)وأنا لا أدري أيّاً من هذه الأسماء في واقع الأمر بالإضافة لكتاب مجلة العربي وكان يكتب بها في هذا الوقت جملة من (أجدع ) الكتاب مثل فهمي هويدي ود.أحمد زكي وأحمد بهاء الدين و د. أحمد كمال أبوالمجد ويوسف القعيد ويوسف ادريس في القصة ومنها تعرفت على القصة التي جعلتي أقرر أن أكتب قصصا قصيرة فيما بعد وهي لمؤلف تركي اسمه عزيز نسين والقصة اسمها العقدة (جامده جدي ) لو حد فكرني ممكن ابقى انشرها بالاضافة لفتحي السعيد وفاروق شوشة في الشعر وبالاضافة لناس جامدين تانيين من الوطن العربي مش فاكر منهم
غير قليل مش هقول اسمهم برضو غتاته
----------------------------------------------------
وحتى لا أعاقب بالهجوم على مدونتي
ولأن الطلب لاثنين لا يرفض لهما طلب : أ.تامر علي ، ود.ستيتة حسب الله الحمش
فكان لابد أن ألبي بالخطوة السرييييييعااااااااه
فقررت أن أنشر القصة التي ذكرها أ.تامر علي في إجابته على التاج
قبل أن أنسى أو "أغطس" كما تقول فاتيما التي أفتقدها جدا ( ومدونتها لا تنشر لي تعليقا أبدا)
----------------------------------------------------
قصة مترجمة عن اللغة التركية
بقلم : عزيز نسين
ترجمة : صفوان الشلبي
آه نحن الحمير ...فنحن -معشر الحمير – كان لنا مثلكم يا بني البشر لغة نتحدث بها .
كانت لغتنا الخاصة وشعرنا وأدبنا الجميلان الغنيان .
كانت لنا في الماضي السعيد أغانينا الجميلة وأيضا لنا أناشيدنا الحماسية ,
لم نكن ننهق في الماضي كما الان حيث نحن اليوم والكل يعلم أن الحال الان نعبر عن أحاسيسنا ورغباتنا وآلامنا وأفراحنا سوى كلمتين يتيمتين هما {{ها .........هو ... }}
نعم بكل أسف لم يبق لنا من لغتنا الجميلة سوى هاتين الكلمتين .
ألا ينتابكم الفضول لمعرفة كيف ماتت لغتنا الجميلة الغنية ولم يبقى منها سوى كلمتين هما {{ها .........هو ... }}
باختصار لساننا قد انعقد ,حادثة مخيفة وقعت لنا أطارت لنا صوابنا وأرعبتنا ,فقعدت ألسنتنا وأنستنا لغتنا الجميلة . ومنذ ذلك اليوم لم نعد نتذكر سوى هاتين الكلمتين {{ها .........هو ... }}
عقدة اللسان هذه لها حادثة قديمة جدا ومن مئات السنين يوم كان جدنا الحمار الأكبر يرعى في إحدى المراعي في سهولنا مطمئنا ويغني بحماس .اشتم رائحة غريبة ولم تكن رائحة جميلة كانت رائحة ذئب...
رفع جدنا أنفه الى أعلى وتنشق بعمق .رائحة الذئب القوية..قال جدنا مخاطبا نفسه ومواسيا :
-هذه ليست رائحة ذئب ....
لكن رائحة الذئب ازدادت زخما .كان واضحا أن الذئب بدأ يقترب ..واقتراب الذئب من أراضينا معناه أن الموت بدأ يحوم في المكان ولا مفر منه .
جدنا حاول أن يقنع نفسه أنه لا ذئب في المكان وقال مواسيا نفسه :
-أرجو من الله أن لا يكون ذئبا .........وإن كان حقا موجود .فكيف سيجدني ؟وأين ؟وكيف ؟؟؟؟؟؟
استمر جدنا يواسي نفسه حتى سمع صوتا لم يكن جميلا..بل كان صوت الذئب !!
انتصبت أذنا جدنا الحمار الأكبر عاليا واسترق السمع وأرهف له الحس جيدا .
نعم إنه صوت الذئب ....
ولكن بقلبه هو لم يكن راضيا عن مجيء الذئب ليفسد عليه هناءه وصفاء يومه ,
-كلا لا أعتقد أنه صوت ذئب ..ولابد أني أصبحت لا أسمع جيدا
واستمر جدنا في التهام الأعشاب .. وغير مبال بالخطر من حوله .
ازداد الصوت وضوحا وقربا ولم يزل جدنا يواسي نفسه ويخادعها .:
ازداد الصوت وضوحا وقربا ولم يزل جدنا يواسي نفسه ويخادعها .:
-ليس ذئبا ..نعم إنه ليس ذئبا وهذا ليس بصوت ذئب .
ازداد الصوت اقترابا ووضوحا وكان صوتا مخيفا جدا ...وظل جدنا الجمار على عناده
-كلا .كلا ..انه ليس هناك ذئاب في المنطقة .
ثم رفع رأسه ونظر حوله فرأى على قمة الجبل ذئبا قد بدا له وسط الضباب ........شعر الحمار برعشة الخوف تنتاب أوصاله
- لا ....لا لا أعتقد أن ما أراه ذئبا لا لابد انه شيء أخر أو أي نوع من الدواب
وأدخل جدنا رأسه بين الأعشاب مكملا :
-أعتقد أن ما أراه مجرد سراب .. بل هو بالتأكيد سراب ليس إلا ......
وبعد برهة من الزمن لمح ذئبا يعدو خلف الشجر , فازداد خوفه ولكنه استمر في خداع نفسه :
-نعم إنه ليس بذئب وإلا ما الذي يأتي بالذئاب إلى منطقتنا ؟ وأرجو من الله أن لا يكون ذئبا حقا .
ازداد اقتراب الذئب من الحمار ولم يبق منه سوى خطوات فقط
-العون يا ربي .أحقيقة أن القادم ذئبا ؟ كلا يجب أن لا يكون ذئب ...العون يا ربي أرجو ألا تجعله ذئبا .
ولما لم يبق من الذئب سوى خطوات أقل خاطب نفسه قائلا
-بمشيئة الله لن يكون ما أراه ذئبا .ولماذا يكون ذئبا ؟ قد يكون جملا أو تيسا أو أي شيء أخر...
أو ربما لم يكن شيئا على الإطلاق لقد بدأت لا أرى جيدا وبدأت أخلط في التمييز بين الأشياء المختلفة ..وأرى أي شيء من حولي على هيئة ذئب ....
وعلى بعد خطوات أقل مما سبق بدا الذئب زاحفا نحوه..
-أعرف تماما ان القادم ليس بذئب ولكن من المستحسن ان ابتعد عنه قليلا
مشى جدنا وهو ينظر خلفه مرعوبا وبدا له فم الذئب مفتوحا ويسيل منه اللعاب وازدادت خطوات جدنا سرعةٌ وجريا قائلا مع نفسه
-كم أنا غبي فعلا ..أخاف من القطة وأهرب منها متوهما أنها ذئب !
اندفع جدنا يركض بكل قواه وهو ينظر خلفه ..رأى بريق عيني الذئب تتبعانه وأحس بنفس الذئب الساخن يلسع مؤخرته فواسى نفسه قائلا :
-إن هذا المخلوق الذي أحس بنفسه تلسع مؤخرتي ليس بذئب !!
وحين أحس الحمار بان انف الذئب الرطب يلامس مؤخرته ازداد فزعه ,واستدار خلفه ليرى الذئب وهو يتأهب للوثوب عليه ..فخارت قواه وسقط على الأرض من شدة الخوف ..وأغمض عينيه كي لا يرى الذئب وتأتأ قائلا :
-بمشيئة الله لن يكون ذئبا .
أحس جدنا بمخالب الذئب تنغرز في فخذه فصاح قائلا :
-أعلم جيدا انك لست بذئب .. وأنا لا أحب المزاح ..فدعني وشأني ولا تدغدغني
قام الذئب الجائع بأن أغرز كل أنيابه تنهش في جسد جدنا , وبدأت الدماء تسيل منه بغزارة , وانعقد لسانه من شدة الخوف والفزع وأخيرا تمكن أن يتلفظ كلمات قليلة مبهمة ربما هي :
-ها .......هو.......ذئب.......ها .......هو.......
وبينما الذئب ينهش ويقطع في جسد جدنا .استمر يصرخ بأنين وهستريا وبلا وعي ربما وكاد صوته الحاد أن يخترق آفاق الزمان والمكان وكانت كلماته هي :
ها ...........هو.........ها .........هو.......
ومنذ ذلك اليوم وعلى اثر شدة حزننا وخوفنا ومصابنا الجلل الذي حل بجدنا وفقده القدرة على النطق ورثنا نحن عنه هذه العادة ونسينا لغتنا الجميلة .. وأخذنا إلى اليوم نردد مثل جدنا صائحين :
- ها ...........هو.........ها .........هو
لو لم يحاول جدنا خداع نفسه حين شعر بالخطر من حوله لما سقط في براثن الذئب .....ولدامت لنا لغتنا الجميلة !!!!!!!!!!!!
Friday, September 24, 2010
لن أكتب ... لن أقرأ ... لن أحزن
عندما يسود الظلام حولك
عندما يختفي الأمل من كل شيء
عندما تجد نفسك محاطا بكم هائل من السواد
وعندما لا تجد بين يديك طوق نجاة
ولا يكون لديك حتى الرجاء في أن يكون هناك ضوء في نهاية النفق المظلم إلا أن يكون قطارا قادما
عندها لا يكون أمامك سوى أحد حلين
أولهما وهو الحل الأوسع انتشارا
أن تصم أذنيك عن كل ما تحترق له كريات دمك
وأن تعمي عينيك عن الليل حالك السواد الذي يلفك بين ذراعيه
وأن تقرر ألا تقرأ عن مصائب كل يوم
وألا تصرخ من أزمات الغلاء والتعليم والصحة
وألا تكتب عن الفساد
أن تقرر أن تعود سالما إلا دنيا الناس تاركا عقلك الذي يفكر ويعمل ليل نهار
فلم يعد للعقل مكان
لأنك لو لم تتركه بإرادتك فسيتركك هو رغما عنك
أما الحل الآخر فهو أن تقرر أن تبقى مفتوح العينين
أن تصغي وتفكر وتكتب وتعبر
أن ترفض الاستسلام للأمر الواقع
أن تعظ " قوما الله مهلكهم أو معذبهم عذابا شديدا"
وعندما يسألك من حولك عن جدوى ما تفعله تجد داخلك الرد الواثق :
" معذرة إلى ربكم ولعلهم يرجعون "
وأن يبقى لديك الأمل
لأن الله جعل الإنسان في الأرض خليفة
ولأن الخير فطرة الله التي فطر الناس عليها
فأيهما ستختار ؟؟؟
أجب مع ذكر السبب :)
واضعا في حسبانك الاعتبارات الآتية :
ذو العقل يشقى في النعيم بعقله
وأخو الجهالة بالشقاوة ينعم
بإرادتك الحرة
بين يديك الاختيار
ذو العقل يشقى في النعيم بعقله
وأخو الجهالة بالشقاوة ينعم
بإرادتك الحرة
بين يديك الاختيار
Subscribe to:
Posts (Atom)
لقطات
يقولون : ثلاثة لا تعود : زمن يمضي، وسهم يرمى، وكلمة تقال ولعل تلك الأخيرة من أكثر ما يؤثر فيَّ ليس فقط لأنها لا تعود لكن أيضًا لأنها تبقى ...
